أخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن الصفا والمروة، فقال: «كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما جاء الإسلام، أمسكنا عنهما، فأنزل الله:{إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ} وأخرج الحاكم مثله عن ابن عباس.
وأخرج الشيخان عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قال: قلت لعائشة:
أرأيت قول الله:{إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ، فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} فما أرى على أحد شيئا أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة: بئس ما قلت يا ابن أختي، إنها لو كانت على ما أوّلتها عليه، كانت: فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنهما إنما أنزلت، لأن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون لمناة الطاغية، وكان من أهلّ لها، يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا عن ذلك رسول الله، فقالوا: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية، فأنزل الله:{إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ..}.
الآية، ثم سن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الطواف بينهما، فليس لأحد أن يدع الطواف بينهما.
ويوضح ذلك ما أخرجه الطبري عن الشعبي: أن وثنا كان في الجاهلية على الصفا، يسمى إساف، ووثنا على المروة يسمى نائلة، وكان أهل الجاهلية إذا طافوا بالبيت، مسحوا الوثنين، فلما جاء الإسلام، وكسرت الأوثان، قال المسلمون: إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين، وليس الطواف بهما من الشعائر، قال: فأنزل الله أنهما من الشعائر. أي فلا حرج على المسلمين في السعي بينهما، لأنهم يسعون لله، لا للأصنام.