فلما لما ينتهوا، قال المسلمون: إنا لا نساكنكم، فقسموا القرية بجدار، للمسلمين باب، وللمعتدين باب، ولعنهم داود عليه السلام، فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم، ولم يخرج من المعتدين أحد، فقالوا: إن للناس شأنا، فنظروا، فإذا هم قردة، ففتحوا الباب، ودخلوا عليهم، فعرفت القرود أنسباءهم من الإنس، والإنس لا يعرفون أنسباءهم من القرود، فجعل القرد يأتي نسيبه، فيشم ثيابه ويبكي، فيقول: ألم ننهك؟ فيقول برأسه: بلى. وقيل: صار الشباب قردة والشيوخ خنازير.
وعن الحسن البصري: أكلوا والله أوخم أكلة أكلها أهلها، أثقلها خزيا في الدنيا، وأطولها عذابا في الآخرة، هاه، وايم الله، ما حوت أخذه قوم فأكلوه، أعظم عند الله من قتل رجل مسلم، ولكن الله جعل موعدا، {وَالسّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ}(١).
التفسير والبيان:
واسأل يا محمد يهود عصرك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله، ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة، والسؤال للتوبيخ والتقريع، وبيان أن كفر المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم ليس جديدا، بل هو موروث، فإن أسلافهم ارتكبوا الذنب العظيم، وخالفوا أوامر الله تعالى.
وحذرهم من مخالفتك لئلا يحل بهم ما حل بسلفهم.
اسألهم عن أهل المدينة التي كانت قريبة من البحر على شاطئه، وهي أيلة على شاطئ البحر الأحمر، بين مدين والطور، حين اعتدوا حدود الله، وتجاوزوها يوم السبت الذي يعظمونه، بترك العمل فيه، وتخصيصه للعبادة،