فخالفوا أمر الله فيه بالوصية لهم به إذ ذاك، واصطادوا السمك فيه، وقد نهوا عنه.
فكان السمك يأتيهم كثيرا على سطح الماء يوم تعظيم السبت، ولا يحتاج صيده إلى عناء.
ويوم لا يسبتون، في سائر الأيام غير السبت، تختفي الأسماك ولا تظهر، ولا تأتيهم كما كانت تأتيهم يوم السبت.
فاحتالوا على صيدها بإقامة الأحواض حيث يأتي المد بالسمك ثم إذا انحسر الماء بالجزر، تبقى الأسماك في الأحواض، فيأخذونها يوم الأحد.
مثل ذلك البلاء بظهور السمك يوم السبت المحرم عليهم صيده، وإخفائه عنهم في الأيام التي يحل لهم صيده، نبلو أي نختبر السابقين والمعاصرين، ونعاملهم معاملة من يختبر حالهم، ليجازى كل واحد على عمله، بسبب فسقهم المستمر وخروجهم عن طاعة الله؛ لأن من سنة الله أن من أطاعه، سهل له أمور الدنيا، وأثابه في الآخرة، ومن عصاه، ابتلاه بأنواع المحن والمصائب.
وحين ظهور المعصية فيهم، انقسم أهل تلك القرية فرقا ثلاثا، هي فرقة المؤيدين، وفرقة المعارضين الواعظين، وفرقة المحايدين الذين لم يجدوا فائدة من الوعظ ولاموا الواعظين قائلين لهم: لم تعظون قوما قد قضى الله بإهلاكهم وإفنائهم، وقد علمتم أن الله سيهلكهم ويعاقبهم في الدنيا والآخرة.
فأجابهم الواعظون: نعظهم لنبرئ أنفسنا من السكوت عن المنكر، ونعتذر إلى ربكم بأننا أدينا واجبنا في الإنكار عليهم، ونحن لا نيأس من صلاحهم وعودتهم إلى الحق، ولعلهم بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه، ويرجعون إلى الله تائبين، فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم.