{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ. إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ. فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ. وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ} قد عرفنا أن هذه المقالة مشابهة لما سبقها من مقالة نوح وهود عليهما السلام.
والمعنى: أن قبيلة ثمود كذبت برسالة نبيهم صالح عليه السلام حين قال لهم: ألا تتقون عقاب الله، فتؤمنوا به وتوحدوه وتعبدوه، وتطيعوني فيما بلغتكم من الرسالة، فإني رسول من عند الله تعالى، أمين على رسالته التي أرسلها معي إليكم، ولا أطلب على نصحي وتبليغي عوضا ولا جزاء، فما جزائي إلا على الله الذي أرسلني، وهو يتولاني في الدنيا والآخرة.
ثم وعظهم، وحذرهم نقم الله أن تحل بهم، وذكّرهم بأنعم الله عليهم فيما رزقهم من الطيبات، وفجّر لهم العيون والأنهار، وأنبت لهم الزروع والثمرات، وجعلهم في أمن من المحذورات، فقال مخاطبا لهم بأمور ثلاثة:
١ - {أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ، فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ}؟ أي أتظنون أنكم في الدنيا مخلّدون في النعيم، وأنكم تتركون في دياركم آمنين، متمتعين في الجنات والعيون، والنخيل ذات الرطب الهضيم اللين اللطيف، والزروع والثمار، وتطمعون في ذلك، وتظنون ألا دار للجزاء على الأعمال؟ لا يعقل أن تبقوا على الشرك والكفر، وأنتم ترفلون في هذه النعم، وتتمتعون بهذه الخيرات.
وقوله:{فِي ما هاهُنا آمِنِينَ} أي في الذي استقر في هذا المكان من النعيم، ثم فصّله وفسره بقوله:{فِي جَنّاتٍ وَعُيُونٍ..}. إلخ، فهو تفصيل بعد إجمال.