لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً، إِلاّ ما شاءَ اللهُ، لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ} [٤٨/ ١٠ - ٤٩].
التفسير والبيان:
أمر الله تعالى رسوله أن يفوّض الأمور إليه، وأن يخبر عن نفسه أنه لا يعلم الغيب المستقبل، ولا اطلاع له على شيء من ذلك إلا بما أطلعه الله عليه، كما قال تعالى:{عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلاّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ..}.
[الجنّ ٢٦/ ٧٢ - ٢٧].
قل أيها الرّسول للناس: إنّي لا أملك لنفسي ولا لغيري جلب أي نفع، ولا أستطيع دفع ضرر عنّي ولا عن غيري، إلا بمشيئة الله وقدرته، فيلهمني إيّاه ويوفّقني له.
وهذا يدلّ على إظهار العبودية، والتّبرّي من ادّعاء العلم بالغيوب، ومنصب الرّسالة لا يقتضي علم الساعة وغيرها من علم الغيب، فالغيب لله وحده.
وإنما وظيفة الرّسالة تبليغ الوحي المنزل، والتّعليم والإرشاد، وفيما عدا ذلك فإنّ الرّسول بشر كسائر الناس:{قُلْ: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ..}.
[الكهف ١١٠/ ١٨].
{وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} كالمال ونحوه من المنافع، ولما أصابني السّوء، أي لاجتنبت ما يكون من الشّرّ قبل أن يكون، وتوقيت المضارّ قبل أن تقع.
وليس لي مزية عن البشر إلا بتبليغ الوحي عن الله بالإنذار والتّبشير، فما أنا إلا عبد مرسل للإنذار والبشارة، نذير من العذاب، وبشير للمؤمنين بالجنّات، كما قال تعالى:{فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ، وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا}[مريم ٩٧/ ١٩].