والجنود، ووفرة الأمطار، وينابيع الأرض، وجريان الأنهار من تحت دورهم ومساكنهم، استدراجا وإملاء لهم، ثم أهلكهم الله بخطيئاتهم وسيّئاتهم التي اقترفوها وبكفرهم الذي لازموه.
ويفهم من ذلك أنّ الذّنوب سبب الانتقام وزوال النّعم، فليحذر هؤلاء وأمثالهم من الإهلاك والدّمار. والإنذار عامّ لكلّ زمان ومكان، فهذا إنذار لكفار قريش وكلّ الكفار أنه سينزل بهم من العذاب مثلما نزل بأمم سابقة جزاء استهزائهم بأنبيائهم.
عناد الكفار والرّدّ على طلبهم بإنزال كتاب أو إرسال ملك
{كِتاباً} أي صحيفة مكتوبة ذات غرض واحد. {قِرْطاسٍ} ورق أو رقّ يكتب عليه.
{فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ} أبلغ من (عاينوه) لأنه أنفى للشّك. {سِحْرٌ} أي خداع وتمويه لا حقيقة له، ويقولون ذلك تعنتا وعنادا.
{لَوْلا أُنْزِلَ} هلا. {لَقُضِيَ الْأَمْرُ} أي لتّم أمر هلاكهم. {ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ} أي لا يمهلون لتوبة أن معذرة، كعادة الله فيمن قبلهم عند وجود مقترحهم إذا لم يؤمنوا.
{وَلَوْ جَعَلْناهُ} أي المنزل إليهم. {لَجَعَلْناهُ} أي الملك. {رَجُلاً} أي على صورة رجل، ليتمكّنوا من رؤيته، إذ لا قوّة للبشر على رؤية الملك. {لَلَبَسْنا} لسترنا وغطّينا، والمراد: جعلنا أمرهم يلتبس عليهم فلا يعرفونه. {ما يَلْبِسُونَ} على أنفسهم، بأن يقولوا: ما هذا إلا بشر مثلكم، فيلتبس الأمر عليهم فلم يدروا أملك هو أم إنس، فلم يوقنوا أنه ملك ولم يصدّقوا به، وقالوا: ليس هذا ملكا، كما التبس على أنفسهم من حقيقة أمرك وصحة برهانك وشاهدك على نبوّتك.