١ - إن عدد الشهور القمرية في علم الله تعالى وفي حكمه وإيجابه في اللوح المحفوظ يوم خلق السموات والأرض اثنا عشر شهرا، فإنه تعالى وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها على ما رتّبها عليه، يوم خلق السموات والأرض، على وفق سنته الإلهية ونظامه البديع المتقن، وأنزل ذلك على أنبيائه في كتبه المنزلة. وحكمها باق على ما كانت عليه، لم يزلها عن ترتيبها تغيير المشركين لأسمائها.
والمقصود من ذلك اتباع أمر الله تعالى، ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية، من تأخير أسماء الشهور وتقديمها، وتعليق الأحكام على الأسماء التي رتّبوها عليه.
٢ - الواجب في شريعتنا الاعتماد على السنة القمرية في العبادات كالصوم والحج وغيرها، كما عرفتها العرب، دون السنة الشمسية أو العبرية أو القبطية وغيرها، وإن لم تزد على اثني عشر شهرا. وذلك بدليل الآية التي معنا، حيث ذكر فيها:{مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} والأربعة الحرم من الشهور القمرية وهي (ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب)
وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلم عن رجب:«الذي بين جمادى وشعبان» وبدليل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ، لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ}[يونس ٥/ ١٠] فجعل تقدير القمر بالمنازل علة لمعرفة السنوات والحساب، وهو إنما يصحّ بالاعتماد على دورة القمر.
وبدليل قوله تعالى:{يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ، قُلْ: هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة ١٨٩/ ٢] وهو يدل على السنة القمرية واعتبارها في الصيام والزكاة والحج والأعياد والمعاملات وأحكامها.