للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الإسلام دين الحق والصواب والاستقامة؛ لقوله تعالى: {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أي ذلك الشرع والطاعة، والقيّم أي القائم المستقيم. وقيل: ذلك الحساب الصحيح والعدد المستوفى، وقيل: ذلك القضاء، وقيل: الحق.

٤ - تحريم ظلم النفس بارتكاب المعاصي والذنوب في جميع السنة؛ لقوله تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} على قول ابن عباس: راجع إلى جميع الشهور. وقال الأكثرون: راجع إلى الأشهر الحرم خاصة؛ لأنه إليها أقرب، ولها مزية في تعظيم الظلم؛ لقوله تعالى: {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ} وهذا تعظيم لحرمتها وتأكيد لامتيازها، لا أن الظلم في غير هذه الأيام جائز، وإنما هو حرام في كل الأيام والشهور والسنين، وإذا عظم الله تعالى شيئا عظّمه من جهتين، وصارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيء، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، وذلك ثابت في البلد الحرام.

وقيل: إن الظلم هو إباحة القتال فيها، ثم نسخ بإباحة القتال في جميع الشهور، كما قال قتادة وعطاء الخراساني والزهري وسفيان الثوري، وهو الصحيح المعتمد؛

لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم غزا هوازن بحنين وثقيفا بالطائف، وحاصرهم في شوال وبعض ذي القعدة.

ونظرا لتعظيم حرمة الشهر الحرام، قال الشافعي فيمن قتل فيه شخصا خطأ: تغلظ‍ عليه الدية، وقال: تغلظ‍ الدية في النفس وفي الجراح في الشهر الحرام وفي البلد الحرام وذوي الرحم. وقال الأوزاعي: القتل في الشهر الحرام تغلّظ‍ فيه الدية فيما بلغنا، وفي الحرم، فتجعل دية وثلثا.

وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما وابن أبي ليلى: القتل في الحلّ والحرم سواء، وفي الشهر الحرام وغيره سواء، قال القرطبي: وهو الصحيح؛ لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم سنّ الديات، ولم يذكر فيها الحرم ولا الشهر الحرام. وأجمعوا على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>