للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكفارة على من قتل خطأ في الشهر الحرام وغيره سواء، فالقياس أن تكون الدية كذلك.

٥ - تعظيم حرمة الأشهر الحرم: خصّ الله تعالى الأربعة الأشهر بالذكر، ونهى عن الظلم فيها تشريفا لها، وإن كان منهيا عنه في كل الزمان، كما قال:

{فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ} وهذا رأي أكثر المفسرين، أي لا تظلموا في الأربعة الأشهر أنفسكم. وروي عن ابن عباس قال: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} في الاثني عشر.

٦ - الأمر بقتال المشركين كافة، قال ابن العربي: يعني محيطين بهم من كل جهة وحالة، فمنعهم ذلك من الاسترسال في القتال (١). وهذا ترغيب في قتالهم وتحريض، معاملة بالمثل، وتوحيدا للصف وجمعا للكلمة.

وقال بعض العلماء: كان الغرض بهذه الآية قد توجّه على الأعيان (أي أن القتال فرض عين) ثم نسخ ذلك، وجعل فرض كفاية.

وفي هذا الكلام بعد؛ لأن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم لم يلزم الأمة جميعا النّفر، وكان القتال قد استقرّ على أنه فرض كفاية بعد أن كان في مرحلة قصيرة فرض عين، وإنما معنى هذه الآية-كما ذكر القرطبي-الحض على قتالهم والتحزب عليهم وجمع الكلمة، ثم قيدها بقوله: {كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} فبحسب قتالهم واجتماعهم لنا يكون فرض اجتماعنا لهم (٢).

فليس في هذه الآية إعلان شامل للحرب على المشركين، وإنما هي آمرة بتوحيد المؤمنين، وجعلهم جبهة واحدة عند قتال المشركين، فهي لتحريضهم


(١) أحكام القرآن: ٩٢٨/ ٢
(٢) تفسير القرطبي: ١٣٦/ ٨، تفسير الرازي: ٥٤/ ١٦

<<  <  ج: ص:  >  >>