للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الضَّرّاءِ}: كل ما يضر الإنسان من مرض أو فقد محبوب {حِينَ الْبَأْسِ} وقت شدة القتال.

{صَدَقُوا} في دعوى الإيمان {الْمُتَّقُونَ} التقوى: الوقاية من غضب الله بالبعد عن المعاصي.

سبب النزول:

روى عبد الرزاق عن قتادة قال: كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى قبل المشرق، فنزلت: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} الآية (١).

وروى الطبري وابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم عن البر، فأنزل الله هذه الآية: {لَيْسَ الْبِرَّ.}. فدعا الرجل فتلاها عليه، وكان قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلاّ الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ثم مات على ذلك، يرجى له في الآخرة خير، فأنزل الله: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا.}.

وكانت اليهود توجهت قبل المغرب، والنصارى قبل المشرق.

التفسير والبيان:

كان تحويل القبلة سببا في فتنة كبري بين أهل الأديان، فأصبح كل فريق يرى أن الصلاة لا تصح إلى غير القبلة التي هو عليها، واحتدم الخلاف بين المسلمين وأهل الكتاب، فرأى الكتابيون أن الصلاة يلزم أن تكون إلى قبلتهم، وهي قبلة بعض الأنبياء، واحتج المسلمون بأن الصلاة لا تقبل ولا يرضى عنها الله إلا بالاتجاه إلى المسجد الحرام قبلة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السّلام.

فأبان الله سبحانه وتعالى للناس كافة أن مجرد توجيه الوجه جهة المشرق والمغرب ليس في ذاته هو البر المقصود، ولا يعد عملا صالحا بمجرده، وإنما البر الحقيقي شيء آخر وهو الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر إيمانا قلبيا صادقا كاملا مقرونا بالعمل الصالح، وهو الإيمان الذي يملأ النفس خشية


(١) البحر المحيط‍: ٢/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>