للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التفسير والبيان:

لا يزال الكلام في أحكام النساء، ففي الآيات السابقة بيان أحكام الطلاق والرجعة والإرضاع وحقوق الزوجات والأولاد، وواجبات الأب من نفقة وسكنى وكسوة، ووجوب العدة والحداد على المرأة المتوفى عنها زوجها، وفي هذه الآية توضيح جواز خطبة معتدة الوفاة في العدة تلميحا لا تصريحا، وصحة إبرام العقد عليها بعد انقضاء العدة. فأبان الله تعالى أنه لا إثم ولا حرج على الرجل أن يعرّض بالخطبة للمرأة المتوفى عنها زوجها أو لوليها، ومثلها المطلقة طلاقا بائنا، في أثناء العدة، أو يضمر في نفسه قصد زواجه بها، لأن التعريض لا يمس حق الزوج السابق، وربما كان فيه نوع من الإيحاء بالثقة والطمأنينة على أوضاع المستقبل، حيث تصبح المرأة لا عائل لها، ولأن إضمار شيء في النفس أمر طبيعي يشق الاحتراز عنه، لذا قال الله تعالى: {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ} في أنفسكم، ويشق عليكم أن تكتموا رغبتكم، ولا ضرر ولا خطر في قصد شيء بالنفس. ولكن يحرم المواعدة على الزواج في السر، لأن في المواعدة مدرجة للفتنة، ومظنة للقيل والقال، ولا تحرم المواعدة بقول معروف لا يستحيا منه في الجهر، كذكر حسن العشرة وسعة الصدر للزوجات ونحو ذلك، فيكون المراد بالقول المعروف: هو التعريض لا التصريح، أي لا تواعدوهن إلا بالتعريض.

والمراد بالسر في الأصل: هو الوط‍ ء، ويقصد به هنا عقد الزواج في العدة سرا، فأطلق على العقد الذي هو سبب الوط‍ ء، وقيل كما اختار الطبري: المراد به هنا هو الزنى، أو القول لها: إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري. قال ابن كثير: وقد يحتمل أن تكون الآية عامة في جميع ذلك.

والتعريض بالخطبة للمعتدة بسبب الوفاة أو لوليها في العدة: كأن يقول:

إنك لجميلة، أو عسى أن ييسر الله لي امرأة صالحة بنت حلال مثلك، حتى تدخر

<<  <  ج: ص:  >  >>