للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية من الهجرة، ومثل من قبلهم من يهود بني قينقاع الذين أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى أذرعات بالشام بعد سنة ونصف من الهجرة، وكانت وقعة بدر قبل غزوة بني النضير بستة أشهر، وذاقوا في زمان قريب سوء عاقبة كفرهم في الدنيا، ولهم عذاب مؤلم في الآخرة.

ثم ذكر الله تعالى مثلا آخر للمنافقين ورابطتهم باليهود، فقال:

{كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ: اُكْفُرْ، فَلَمّا كَفَرَ قالَ: إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ، إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ} أي إن مثل هؤلاء المنافقين في وعودهم اليهود بالمناصرة والمؤازرة في القتال والخروج، كمثل الشيطان الذي سوّل للإنسان الشر، وأغراه بالكفر، وزيّنه له، وحمله عليه، فلما كفر الإنسان مطاوعة للشيطان، تبرأ الشيطان منه وتنصل يوم القيامة، وقال على وجه التبري من الإنسان: إني أخاف عذاب الله رب العالمين إذا ناصرتك.

وهذا مثل في غاية السوء وشدة الوقع على النفوس، لذا أبان الله تعالى بعده ما يوجبه من العقاب، فقال:

{فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النّارِ خالِدَيْنِ فِيها، وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ} أي فكان عاقبة الشيطان الآمر بالكفر، والإنسان الذي كفر واستجاب أنهما صائران إلى نار جهنم خالدين فيها على الدوام، وذلك الجزاء وهو الخلود في النار هو جزاء الكافرين جميعا، ومنهم اليهود والمنافقون.

فقه الحياة أو الأحكام:

تدل الآيات على ما يأتي:

١ - إن هناك مصادقة وموالاة ومعاونة في الظاهر بين المنافقين واليهود، بسبب أخوة الكفر، ورابطة الاشتراك في العداوة والكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيقول

<<  <  ج: ص:  >  >>