فقال:{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} أي إن هذا الجزاء الموعود به وهو الجنة والمغفرة مجرد فضل من الله ورحمة منه، وليس واجبا عليه.
جاء في الحديث الصحيح:«أن فقراء المهاجرين قالوا: يا رسول الله، ذهب أهل الدثور بالأجور، بالدرجات العلى والنعيم المقيم، قال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، قال: أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم، تسبّحون وتكبّرون وتحمّدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، قال: فرجعوا، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال ما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ}».
فقه الحياة أو الأحكام:
١ - إن المقصود الأصلي من الآية الأولى تحقير حال الدنيا، وتعظيم حال الآخرة، لذا وصف الله تعالى الدنيا بخمس صفات: أنها لعب وهو فعل الصبيان الذين يتعبون أنفسهم جدا، ثم تنقضي متاعبهم من غير فائدة، وأنها لهو وهو فعل الشبان، ولا يبقى غالبا بعده إلا الحسرة، وأنها زينة وهذا دأب النساء وهو تكميل الناقص، وتفاخر بين أهلها بالصفات الفانية الزائلة، وهو إما التفاخر بالنسب، أو التفاخر بالقدرة المادية والقوة الجسدية والأتباع والمنصب، وكلها ذاهبة، وأنها تكاثر في الأموال والأولاد.
ثم شبهها في سرعة انقضائها وزوال جمالها بالزرع الذي يعجب الناظرين إليه، لحضرته بكثرة الأمطار، ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن. وقد ذكر هذا المثل في سورتي يونس (٢٤) والكهف (٤٥).