للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوسيلة. وهذا دليل على أن من استعان على الآخرة بطلب الدنيا، فهي له متاع وبلاغ إلى ما هو خير منه.

روى ابن جرير، وجاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «موضع سوط‍ في الجنة خير من الدنيا وما فيها» اقرؤوا:

{وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ} والزيادة الأخيرة في رواية ابن جرير فقط‍.

وأخرج البخاري وأحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك» وهذا يدل على اقتراب الخير والشر من الإنسان.

ولما ذكر الله تعالى ما في الآخرة من المغفرة أمر بالمسابقة إليها:

أي إنه سبحانه حث على المبادرة إلى الخيرات، والمسابقة إلى المغفرة وإلى الجنة، من فعل الطاعات، وترك المحرمات التي تكفّر الذنوب والزلاّت، وتحصّل الثواب والدرجات، فقال:

{سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ، أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ} أي بادروا أو سارعوا مسارعة المتسابقين بالأعمال الصالحة إلى ما يوجب المغفرة لكم من ربكم، وسارعوا إلى التوبة الماحية للذنوب والمعاصي، وإلى ما يوصّل إلى جنة عرضها مثل عرض السماء والأرض معا، وإذا كان هذا قدر عرضها، فما ظنك بطولها؟! تلك الجنة التي هيئت وخلقت للذين صدقوا بالله وبرسله، وعمل بما فرض الله عليه، واجتنب نهيه.

ثم بيّن الله تعالى أن المغفرة والجنة فضل منه ورحمة، لا إيجاب وإلزام،

<<  <  ج: ص:  >  >>