قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الناسخ والمنسوخ: قال ابن عباس:
أول ما نسخ لنا من القرآن فيما ذكر لنا-والله أعلم-شأن القبلة، قال الله تعالى:
{وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ.}. الآية.
فاستقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فصلّى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، ثم صرفه إلى بيته العتيق، ونسخها، فقال:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة ١٥٠/ ٢].
حكم الخطأ في الاتجاه لغير القبلة:
إذا صلّى الإنسان في أثناء الغيم لغير القبلة مجتهدا، ثم بان له بعدئذ أنه صلّى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة عند الجمهور (أبي حنيفة ومالك وأحمد)، لكن في رأي مالك تستحب له الإعادة في الوقت، وليس ذلك بواجب عليه، لأنه قد أدى فرضه على ما أمر، والكمال يستدرك في الوقت، استدلالا بالسنة فيمن صلّى وحده، ثم أدرك تلك الصلاة في وقتها في جماعة، أنه يعيد معهم. ولا يعيد في الوقت استحبابا إلا من استدبر القبلة أو شرّق أو غرّب جدا مجتهدا. وأما من تيامن أو تياسر قليلا مجتهدا، فلا إعادة عليه في وقت ولا غيره.
وقال الشافعي: لا يجزيه، لأن القبلة شرط من شروط الصلاة.
صلاة النافلة على الراحلة:
لا خلاف بين العلماء في جواز النافلة على الراحلة، لما
أخرجه مسلم عن ابن عمر، قال: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي، وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته، حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت: {فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ}[البقرة ١١٥/ ٢].