عليه في التوراة من الإيمان بالله وبرسله وبخاصة محمد خاتم الأنبياء من ولد إسماعيل {بِعَهْدِكُمْ} ما عاهدتكم عليه من الثواب على الإيمان، والتمكين من بيت المقدس، وسعة العيش في الدنيا.
{وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً} قد يطلق كل من البيع والشراء على الآخر، والمعنى:
لا تبيعوا آياتي بثمن قليل وعوض يسير من الدنيا، أو لا تكتموها خوف فوات ما تأخذونه من الناس.
{فَارْهَبُونِ} فخافون في نقضكم العهد وترك الوفاء به دون غيري.
{وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ} من القرآن. {مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ} من التوراة بموافقته في التوحيد والنبوة.
{وَلا تَلْبِسُوا} لا تخلطوا الحق المنزل من الله بالباطل الذي تخترعونه، ولا تحرفوا ما في التوراة بالبهتان الذي تفترونه.
المناسبة:
اختصت هذه الآيات من (٤٠ - ١٤٢) بالكلام عن بني إسرائيل فيما يقارب جزءا كاملا، لكشف حقائقهم وبيان مثالبهم، وكانت الآيات السابقة من أول السورة إلى هنا حول إثبات وجود الله ووحدانيته، والأمر بعبادته، وأن القرآن كلام الله المعجز، وبيان مظاهر قدرة الله بخلق الإنسان وتكريمه وخلق السموات والأرض، وموقف الناس من كل ذلك وانقسامهم إلى مؤمنين وكافرين ومنافقين. ثم بدأ سبحانه بمخاطبة الشعوب التي ظهرت فيها النبوة، فبدأ باليهود، لأنهم أقدم الشعوب ذات الكتب السماوية، ولأنهم كانوا أشد الناس عداوة للمؤمنين بالقرآن، مع أنهم أولى الناس بالإيمان بخاتم الرسل، لذا ذكرهم الله تعالى بنعمه الكثيرة التي أنعم بها عليهم، وذكرهم بالعهد المؤكد معهم على التصديق بنبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وتنوع أسلوب القرآن في خطابهم، تارة بالملاينة والملاطفة، وتارة بالتخويف والشدة، وأحيانا بالتذكير بالنعم، وطورا بتعداد جرائمهم وقبائحهم وتوبيخهم على أعمالهم وإقامة الحجة عليهم.
التفسير والبيان:
يا أولاد النبي الصالح يعقوب، كونوا مثل أبيكم في اتباع الحق، وتفكروا