أبرد؟ قال: عفو الله عن الناس، وعفو الناس بعضهم عن بعض، قال داود عليه السلام: فأنت نبي.
ثم ذكر الله واقعتين لسليمان من وقائع توبته فقال:
الواقعة الأولى:
قصة عرض الخيل:{إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصّافِناتُ الْجِيادُ} أي اذكر أيها الرسول مادحا حين عرض على سليمان عليه السلام في مملكته وسلطانه بعد العصر آخر النهار الخيول الصافنات (أي التي تقف على ثلاث وطرف حافر الرابعة) والجياد: السراع في العدو، لينظر إليها ويتعرف أحوالها ومدى صلاحيتها لمهامها، وليستمتع بما أنعم الله عليه منها.
{فَقالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي، حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} أي قال سليمان: إنني أحببت هذه الخيل وآثرتها عن غيرها حبا حصل عن ذكر ربي وأمره، لا بهواي وشغفي، وكانت ذات أعداد كثيرة، تعدو حتى غابت عني بسبب الغبار وبعد المسافة. وبه يتبين أن حبه لها لم يكن إلا امتثالا لأمر الله بربط الخيل للجهاد في سبيل الله، وتقوية دينه، وتثبيت دعائمه، وقد كان ذلك مندوبا إليه في دينهم.
هذا هو التفسير المتعين الذي يتفق مع مركز النبوة وشرف الرسالة ودلالة الحال في تعداد النعم لا النقم على سليمان، فلا يصح التفسير بشيء يتنافى مع هذا، لا سيما وقد أمر الله تعالى نبينا ص أن يتأسى بداود وسليمان، كما في مطلع الآيات. و {اِصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ، وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ.} ..
ثم أعاد سليمان عرض الصافنات أمامه قائلا:
{رُدُّوها عَلَيَّ، فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ} أي أعيدوا هذه الخيل