النبي وصحبه، فدفع الله القوم عن المؤمنين من غير قتال وآمنهم من الخوف، مما يدل على أنه لا يخاف العبد غير ربه، فإنه القادر على كل ممكن، الكاف أمره.
أضواء من السيرة على غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق:
في شوال من السنة الخامسة للهجرة اجتمع حول المدينة عشرة آلاف، أو اثنا عشر ألفا، أو خمسة عشر ألفا من الكفار الوثنيين وأهل الكتاب، للقضاء على النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان المشركون من قريش والأحباش في أربعة آلاف بقيادة أبي سفيان، وبني أسد بقيادة طليحة، وغطفان في ستة آلاف بزعامة عيينة بن حصن، وبني عامر يقودهم عامر بن الطفيل، وسليم يقودهم أبو الأعود، وكان يهود بني النضير برئاسة حيي بن أخطب وابني أبي الحقيق، ويهود بني قريظة وسيدهم كعب بن أسد الذي كان بينه وبين الرسول صلّى الله عليه وسلّم عهد، فنبذه بسعي حيي بن أخطب.
وكان سبب الوقعة اليهود، فقد خرج نفر من بني النضير وبني قريظة، فقدموا على قريش بمكة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقالوا لهم: إن دينكم خير من دينه، ثم جاؤوا غطفان وقيسا وعيلان وبني مرة وأشجع، فدعوهم إلى الحرب في المدينة، فتوافق المعسكران: الوثني والكتابي على تكوين جيش موحد بقيادة أبي سفيان، فنزلوا أمام المدينة.
وخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون في ثلاثة آلاف، حتى نزلوا بظهر سلع.
ولما سمع الرسول صلّى الله عليه وسلّم بمسير فئات الأحزاب، أمر بحفر خندق حول المدينة بمشورة سلمان الفارسي، وعمل في حفره الرسول صلّى الله عليه وسلّم والمسلمون، في السهل الواقع شمال غرب المدينة، وهو الجانب المكشوف الذي يخاف منه اقتحام العدو، وأما الجوانب الأخرى فكانت محصنة بالجبال. وبلغ طول الخندق حوالي خمسة آلاف ذراع، وعمقه سبعة أذرع إلى عشرة، وعرضه تسعة فأكثر.