{لَقَدْ} جواب قسم محذوف {عَذابَ يَوْمٍ} المراد هنا يوم القيامة {الْمَلَأُ} أشراف القوم ورؤساؤهم {رِسالاتِ رَبِّي} ما أوحي إليّ من الأوامر والنواهي والمواعظ والزواجر والبشائر والنذائر {ضَلالٍ} عدول عن طريق الحق {مُبِينٍ} بيّن {وَأَنْصَحُ لَكُمْ} أريد الخير، وأرشد إلى المصلحة مع إخلاص النية {ذِكْرٌ} موعظة {عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ}، أي على لسان رجل من جنسكم {لِيُنْذِرَكُمْ} العذاب إن لم تؤمنوا {الْفُلْكِ} السفينة {عَمِينَ} جمع عم، أي ذو عمى عن الحق، والأعمى: أعمى البصر.
المناسبة:
لما ذكر الله تعالى قصة آدم في أول السورة وما يتصل به، شرع في ذكر قصص الأنبياء عليهم السلام الأول فالأول، مبتدئا بنوح عليه السلام الذي هو أبو البشر الثاني، وأول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض بعد آدم عليه السلام.
والهدف من إيراد قصص الأنبياء: التنبيه على أن إعراض الناس عن قبول دعوة الأنبياء ليس مقتصرا على قريش قوم محمد عليه الصلاة والسلام، بل هذا موقف متبع في جميع الأمم السابقة، والمصيبة إذا عمت خفت، وفي ذلك تسلية للرسول صلّى الله عليه وسلّم وتخفيف على قلبه:{وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ.}. [هود ١٢٠/ ١١]. وفي القصص بيان العاقبة: عاقبة المنكرين وهي اللعن في الدنيا والخسارة في الآخرة، وعاقبة المؤمنين وهي العزة في الدنيا والسعادة في الآخرة.
وفي إيراد القصص أيضا التنبيه إلى أن الله وإن كان يمهل هؤلاء المبطلين، فلا يهملهم، بل ينتقم منهم. وفي هذا من العظة والعبرة للأجيال ما يكفي: