أ-قال جماعة من العلماء: مفاد هذه الآية أنه يحل لكم القتال إن قاتلكم الكفار، ثم نسخت بقوله تعالى:{وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً، كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً}[التوبة ٣٦/ ٩] وقوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفّارِ، وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}[التوبة ١٢٣/ ٩] وقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}[التوبة ٥/ ٩] وقوله: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ.}.
[التوبة ٢٩/ ٩] وهذه كلها تأمر بالقتال لجميع الكفار، وتدل على عموم شرع القتال للمشركين، سواء قاتلوا المسلمين أو لم يقاتلوهم.
ب-وقال ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ومجاهد: الآية محكمة، أي قاتلوا الذين هم بحالة من يقاتلونكم، ولا تعتدوا في قتل النساء والصبيان والرهبان وشبههم. قال أبو جعفر النحاس: وهذا أصح القولين في السنة والنظر.
أما السنة
فحديث ابن عمر الذي رواه الأئمة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة، فكره ذلك، ونهى عن قتل النساء والصبيان.
وأما النظر: فإن (فاعل) لا يكون في الغالب إلا من اثنين، كالمقاتلة والمشاتمة والمخاصمة، والقتال لا يكون في النساء ولا في الصبيان ومن أشبههم، كالرهبان والزّمنى والشيوخ والأجراء فلا يقتلون. وبهذا أوصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه يزيد بن أبي سفيان حين أرسله إلى الشام، فيما رواه مالك وغيره، إلا أن يكون لهؤلاء إذاية.
أما النساء: فإن قاتلن برأي أو تحريض على القتال أو إمداد بمال قتلن، في حالة المقاتلة وبعدها في رأي سحنون، لعموم قوله تعالى:{وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ}[البقرة ١٩٠/ ٢]{وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}[البقرة ١٩١/ ٢]