عاداتهم وتقاليدهم التي ساروا عليهم عن تقليد وجهل، أو عن معرفة وعناد، والله يتركهم وشأنهم.
وهذا التزيين أثر لاختيارهم دون جبر أو إكراه، لا أن الله خلق في قلوبهم تزيينا للكفر والشر، كما زين في قلوب آخرين الإيمان والخير، وإلا كان الإيمان والكفر والخير والشر غريزة، تعد الدعوة إلى الإصلاح بعدها نوعا من العبث، والله منزه عنه، وكان الثواب والعقاب وإرسال الرسل وإنزال الكتب لا معنى له ولا عدل فيه.
وبعد تركهم وشأنهم في الدنيا يكون معادهم ومصيرهم بعد الموت وحين البعث إلى ربهم ومالك أمرهم، لا إلى غيره، فيجازيهم بأعمالهم، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. وهذا إنذار وتهديد.
وهؤلاء المشركون حلفوا أيمانا مؤكدة بالله: لئن جاءتهم معجزة مادية وخارقة للعادة من الآيات الكونية التي يقترحونها، ليصدقن بها أنها من عند الله، وأنك رسول الله. وفي هذا إشارة إلى أنهم قوم معاندون؛ لأنهم لم يروا أن هذا القرآن من جنس المعجزات أصلا، وليس من هدفهم إلا التحكم في طلب المعجزات.
قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتا وعنادا وكفرا، لا على سبيل الهدى والاسترشاد: إنما مرجع هذه الآيات إلى الله، وهو القادر عليها، إن شاء جاءكم بها، وإن شاء ترككم فلا ينزلها إلا على موجب الحكمة، كما قال:{وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللهِ}[غافر ٧٨/ ٤٠].
ثم خاطب الله نبيه والمؤمنين الذين تمنوا مجيء آية مما اقترحوا ليؤمنوا:
وما يدريكم إيمانهم؟ أي بتقدير أن تجيئهم هذه الآيات، فهم لا يؤمنون إذا جاءتهم