للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تكونوا كالذين كفروا الذين قالوا فيمن ماتوا أو قتلوا ما قالوا، ليكون عاقبة ذلك القول حسرة في قلوبهم على من فقدوا، تزيدهم ضعفا، وتورثهم ندما، فإذا كنتم مثلهم أصابكم من الحسرة مثل ما يصيبهم، وتضعفون عن القتال كضعفهم.

فالله خلق هذا الاعتقاد في نفوسهم ليزدادوا حسرة على موتاهم وقتلاهم. ثم رد الله تعالى عليهم بقوله: {وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي بيده الخلق والإيجاد، وإليه يرجع الأمر والإعدام، ولا يحيى أحد ولا يموت أحد إلا بمشيئته وقدره، ولا يزاد في عمر أحد، ولا ينقص منه شيء إلا بقضائه وقدره.

والله بما تعلمون بصير، أي علمه وبصره نافذ في جميع خلقه، لا يخفى عليه شيء من أمورهم ظاهرها وباطنها، يعلم بما تكنّه النفوس وما تعتقده، وإن لم تعبر عنه. وفي هذا ترغيب للمؤمنين وتهديد للكافرين.

والقتل في سبيل الله والموت أيضا وسيلة إلى نيل رحمة الله وعفوه ورضوانه، وذلك خير من البقاء في الدنيا وجميع حطامها الفاني الذي يجمعونه.

فما أجدر المؤمن أن يؤثر مغفرة الله التي تمحو الذنوب، ورحمته التي ترفع الدرجات على حظوظ‍ الدنيا الفانية، فما هو خالد باق خير مما هو مؤقت فان.

ثم حث سبحانه وتعالى على العمل في سبيل الله؛ لأن المال إليه، فأخبر بأن كل من مات أو قتل، فمصيره ومرجعه إلى الله عز وجل، فيجزيه بعمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فبأي سبب كان هلاككم فإلى الله مرجعكم، وتحشرون، أي تجمعون إليه لا إلى غيره.

وهذا حث على العمل وبث لروح التضحية والجهاد من أجل العقيدة ورفع لواء الإسلام والدفاع عن الأوطان، ووعد قاطع بأن من يقتل في سبيل الله فهو حي يرزق عند ربه، وله عند الناس أطيب الذكر والثناء الجميل.

<<  <  ج: ص:  >  >>