لكم الأسماع لسماع الأصوات، والأبصار لرؤية الأشياء، والعقول لفهم الأمور، وإدراك الحقائق المؤدية إلى تحقيق منافع الدنيا والآخرة. وخص هذه الثلاثة بالذكر؛ لأن الاستدلال على وجود الله وقدرته متوقف عليها.
{قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ} أي أن الشاكرين منهم قليل، فما أقل شكرهم لله على ما أنعم به عليهم، والمعنى أنهم لم يشكروا الله على نعمه العظيمة، كما يقال لجحود النعمة: ما أقل شكر فلان! وذلك كقوله تعالى: {وَما أَكْثَرُ النّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف ١٠٣/ ١٢].
٢ - {وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} أي والله الذي خلقكم وبثّكم بالتناسل في الأرض، لعمارتها وتحضرها، ووزعكم في أقطارها مع اختلاف الأجناس والألوان واللغات والصفات، ثم يوم القيامة تجمعون جميعا لميقات يوم معلوم، فلا يترك صغيرا ولا كبيرا إلا أعاده كما بدأه، وله الحكم وحده.
٣ - {وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي وهو الذي وهبكم نعمة الحياة، لكن تلك النعمة غير خالدة، وإنما المقصود منها الانتقال إلى دار الثواب، وذلك بالإماتة بعد الإحياء، ثم بالإعادة أحياء مرة أخرى للجزاء.
٤ - {وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ} أي ولله وحده تسخير الليل والنهار، وجعل كل منهما يطلب الآخر، يتعاقبان، لا يفتران ولا يفترقان بنظام دقيق وزمان محدد؛ كما قال تعالى:{لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ، وَلا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس ٤٠/ ٣٦].
ثم حذر الله تعالى من ترك النظر في كل هذا فقال:
{أَفَلا تَعْقِلُونَ} أي أفلا تتفكرون في هذه الأشياء، أفلا تعقلون كنه قدرته وربوبيته ووحدانيته، وأ لا تدلكم عقولكم على العزيز العليم الذي قهر كل