للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن علقمة بن نضلة قال: توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأبو بكر وعمر، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن. وقال عبد الله بن عمرو-فيما رواه عنه عبد الرزاق: لا يحل بيع دور مكة ولا كراؤها، وقال: «من أكل من أجر بيوت مكة شيئا، فإنما يأكل نارا». وروى عبد الرزاق أيضا عن ابن جريج قال: كان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم.

وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن رباع مكة تملك وتورث وتؤجر،

لحديث أسامة بن زيد في الصحيحين قال: قلت: يا رسول الله، أتنزل غدا في دارك بمكة؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من رباع»؟

وقال فيما رواه الجماعة (أحمد وأصحاب الكتب الستة) عن أسامة: «لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر» وثبت أن عمر بن الخطاب اشترى من صفوان بن أمية دارا بمكة، فجعلها سجنا بأربعة آلاف درهم.

وتوسط‍ الإمام أحمد فقال: تملك وتورث، ولا تؤجر، جمعا بين الأدلة.

ومنشأ الخلاف: كيفية فتح مكة، هل كان فتحها عنوة؟ فتكون مغنومة، لكن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يقسمها وأقرها لأهلها، ولمن جاء بعدهم؛ كما فعل عمر رضي الله عنه بأرض سواد العراق، فتبقى على ذلك لا تباع ولا تكرى، ومن سبق إلى موضع كان أولى به. وبهذا قال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي.

أو هل كان فتحها صلحا؟ وإليه ذهب الشافعي، فتبقى ديارهم بأيديهم، ويتصرفون في أملاكهم كيف شاؤوا، واستدل بقوله تعالى: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ} [الحج ٤٠/ ٢٢] فأضافها إليهم.

وقال صلّى الله عليه وسلم يوم فتح مكة فيما رواه أحمد ومسلم عن أبي هريرة: «من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان، فهو آمن».

ويلاحظ‍ أنه لم يؤاخذ الله تعالى أحدا على الهم بالمعصية إلا في المسجد الحرام لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ} لأنه مكان تطهير النفس والتوبة والنقاء والتخلص من الذنوب بالكلية لله عز وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>