٣ - إن معاني كلام الله سبحانه لا تنفد، وإنها لا نهاية لها، ولا يمكن حصرها ولا عدها، وقد دلنا على ذلك هذا البيان القرآني: وهو لو كانت الأشجار أقلاما، والبحار مدادا، فكتب بها عجائب صنع الله الدالة على قدرته ووحدانيته لم تنفد تلك العجائب، لأنه تعالى القديم الذي لا نهاية له ابتداء وانتهاء، أما المخلوق فلا بد له من بداية ومن نهاية، والمقصود من الكلمات:
الكلام القديم، والمراد بالآية الاعلام بكثرة معاني كلمات الله، هي غير متناهية في نفسها، وإنما قرّب الأمر بهذا المثال لأفهام البشر بما يتناهى، لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة، لا أنها تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور.
وإذا كانت معاني كلام الله لا نهاية لها، فعلم الله بحقائق الأشياء لا يمكن حصره، وإنما هو واسع شامل.
والخلاصة: أن كلمات الله هي مقدوراته وعجائبه، أو معلوماته.
٤ - ما ابتداء خلق جميع البشر إلا كخلق نفس واحدة، وما بعثهم يوم القيامة إلا كبعث نفس واحدة، لأن الله تعالى لا يصعب عليه ما يصعب على العباد، وخلقه للعالم كخلقه لنفس واحدة، وإن الله سميع لما يقولون، بصير بما يفعلون.
٥ - قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ، وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} آية سماوية دالة على قدرة الله تعالى، وقوله:
{وَسَخَّرَ.}. أي ذلّلهما بالطلوع والأفول تقديرا للآجال، وإتماما للمنافع، وجعل الطلوع والغروب في وقت محدد لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، وينتهي وجودهما بانتهاء السموات والأرض يوم القيامة.
ومن قدر على هذه الأشياء، فلا بدّ من أن يكون عالما بها، والعالم بها عالم بأعمالكم. وقد فعل الله تعالى ذلك (الزيادة والنقص في الليل والنهار وتسخير