للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {لَمّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ} ذكر الجنس، وأراد به نوحا وحده؛ لأنه لم يكن في ذلك الوقت رسول إليهم إلا نوح وحده، فنوح إنما بعث ب‍ «لا إله إلا الله» وبالإيمان بما ينزل الله تعالى، فلما كذبوه كان في ذلك تكذيب لكل من بعث بعده بهذه الكلمة.

والقصة الثالثة-قصة عاد وثمود وأصحاب الرس وأقوام آخرين مما لا يعلمهم إلا الله بين قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرس، أنذروا جميعا، وضربت لهم الأمثال الحقة، وبيّنت لهم الحجة، فأبوا الإيمان، وكذبوا الرسل، فأهلكهم الله بالعذاب ودمرهم تدميرا. والرس في كلام العرب: البئر التي تكون غير مطوية.

وأصحاب الرسّ كما عرفنا كانوا قوما من عبدة الأصنام أصحاب آبار ومواش، فبعث الله تعالى إليهم شعيبا عليه السلام، فدعاهم إلى الإسلام، فتمادوا في طغيانهم وفي إيذائه، فبينما هم حول الرس، خسف الله بهم وبدارهم. وقيل:

الرس: قرية باليمامة قتلوا نبيهم، فهلكوا، وهم بقية ثمود.

والقصة الرابعة-قصة لوط‍ عليه السلام مع قومه في قرية سدوم إحدى قرى قوم لوط‍ الخمس، دعاهم إلى الإيمان بالله وترك عبادة الأصنام، والتطهر من الفاحشة، فأصروا على ما هم عليه؛ لأنهم لا يصدقون بالبعث، أو لا يرجون ثواب الآخرة، فأهلكهم الله بمطر السوء، أي بالحجارة من السماء، وكان مشركو مكة يمرون في أسفارهم بتلك المدائن، ومع ذلك لم يعتبروا. قال ابن عباس: كانت قريش في تجارتها إلى الشام تمر بمدائن قوم لوط‍، كما قال الله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} [الصافات ١٣٧/ ٣٧] وقال: {وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ} [الحجر ٧٩/ ١٥].

وقد أهلك الله تعالى أربعا من قرى قوم لوط‍ بأهلها، وبقيت واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>