الأمم والشعوب الخالية، فإنهم حين كذبوا الرسل وكفروا بالله، دمّرهم الله واستأصلهم وأبادهم.
ثم حسم شعيب عليه السلام الموقف بانتظار حكم الله والتهديد والوعيد بهذا الحكم؛ لأن انقسام الناس بسبب دعوته إلى فريقين: فريق المؤمنين وفريق الكافرين، يتطلب قضاء الله الفاصل النهائي بين الطرفين، والله خير من يفصل، وأعدل من يقضي.
وحكم الله بين عباده نوعان: حكم يوحي به إلى رسله، كما في قوله تعالى في أول سورة المائدة:: {إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ}، وحكم يفصل فيه بين الخلائق إما في الدنيا وإما في الآخرة، كما في قوله تعالى في آخر سورة يونس:{وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ، وَاصْبِرْ حَتّى يَحْكُمَ اللهُ، وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ}».
والمقصود من كل هذه الأوامر والنواهي بالترغيب أولا، والترهيب ثانيا هو حمل القوم على الإيمان والطاعة والعمل الصالح. والناس جميعا الذين يسمعون هذه القصة مطالبون بما طولب به هؤلاء، فإن العاقل يتعظ بالأمثال والنظائر والأشباه، وهو مدرك تماما أن ما جرى على النظير يجري على نظيره، فالمؤمن يخصه الله بالدرجات العالية، والكافر الشقي بأنواع العقوبات:{أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ}[ص ٢٨/ ٣٨].