للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرد عليهم هود عليه السلام:

{قالَ: إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ، وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ، وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} أي قال هود: لا علم لي بالوقت الذي يحصل فيه ذلك العذاب، وإنما العلم بوقت مجيئه عند الله تعالى، لا عندي، لأنه هو الذي قدّره، لا أنا، ولم يخبرني متى سيأتي به، وإنما شأني أن أبلغكم ما أرسلت به إليكم من ربكم من الإنذار والإعذار، والتحذير من العذاب، لا أن آتي به، فليس ذلك في مقدوري، ولكني أراكم قوما لا تعقلون ولا تفهمون حيث بقيتم مصرّين على الكفر، ولم تهتدوا بما جئتكم به، بل اقترحتم علي ما ليس من شأن الرسل ووظائفهم.

ثم ذكر الله تعالى مقدمات العذاب، فقال:

{فَلَمّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ، قالُوا: هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا} أي حينما رأوا العذاب أو السحاب مستقبلهم ومتجها نحو أوديتهم، قالوا: هذا سحاب ممطر، ففرحوا به واستبشروا، وقد حبس عنهم المطر واحتاجوا إليه، فكان مطر عذاب، كما قال تعالى واصفا جواب هود، أو أنه من قول الله لهم:

{بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ، رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ} أي بل هذا هو العذاب الذي طلبتموه بقولكم: {فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصّادِقِينَ} إنه ريح نشأت من ذلك السحاب الذي رأوه، تحمل بين جوانبها العذاب المهلك المؤلم. قال المفسرون: كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما، فساق الله إليهم سحابة سوداء، فخرجت عليهم من واد يقال له (المعتّب).

وضمير {رَأَوْهُ} عائد إلى غير مذكور، بيّنه قوله {عارِضاً} كما قال تعالى: {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر ٤٥/ ٣٥] ولم يذكر الأرض، لكونها معلومة، فكذا هنا الضمير عائد إلى السحاب، كأنه قيل: فلما رأوا

<<  <  ج: ص:  >  >>