فأرسل الله سبحانه إليه من البحر حوتا يشق البحار، فالتقمه (١).
وقوله:{ذَا النُّونِ} أي الحوت، صحت الإضافة إليه بهذه النسبة.
وقوله:{مُغاضِباً} أي غضبان من قومه، لتكذيبهم إياه، وكراهيته خلف ما أوعدهم به من العذاب بعد ثلاث، لكنه لم يأتهم، لتوبتهم التي لم يعلم بها، لا كراهية لحكم الله، أو مغاضبا ربه، وإلا كان مرتكبا كبيرة لا تليق بالشخص العادي فضلا عن النبي، فهو مغاضب من أجل ربه، بدليل وصف نفسه أنه من الظالمين، وهذا رأي أكثر المفسرين.
{أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} أي نضيق عليه في بطن الحوت، ونقضي عليه بالعقوبة، من القدر والتقدير أي القضاء والحكم، كما في قوله تعالى:{فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}[القمر ١٢/ ٥٤] أي قدّر، وكان خروجه يشبه حالة الآبق.
{فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ} أي فدعا ربه في أعماق الظلمات المتكاثفة أو من تحت الظلمات الثلاث: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل: تنزيها لك يا رب، أنت الإله وحدك لا شريك لك، تفعل ما تشاء، وتحكم ما تريد، لا يعجزك شيء في الأرض ولا في السماء.
{إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ} نفسي بالخروج دون أمر أو إذن منك، وهذا خلاف الأولى للأنبياء، بدليل قوله تعالى:{فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ}[القلم ٤٨/ ٦٨].
{فَاسْتَجَبْنا لَهُ} أي فأجبنا له دعاءه الذي أظهر به الندم والتوبة.
{وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ، وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} أي وأخرجناه من بطن