فإذا عزمت فتوكل على الله، أي إذا شاورتهم في الأمر، وعزمت عليه، فتوكل على الله فيه، إن الله يحب المتوكلين عليه الواثقين به، فينصرهم ويرشدهم إلى ما فيه الخير لهم. وليس معنى التوكل هو التواكل وإهمال الأسباب، وإنما هو حسن الاعتماد على الله والثقة به وتفويض النتائج إليه، بعد اتخاذ الأسباب.
قال الرازي: دلت الآية على أنه ليس التوكل أن يهمل الإنسان نفسه كما يقول بعض الجهال، وإلا كان الأمر بالمشاورة منافيا للأمر بالتوكل، بل التوكل عليه أن يراعي الإنسان الأسباب الظاهرة، ولكن لا يعوّل بقلبه عليها، بل يعول على عصمة الحكمة.
ففي الكسب والمعاش لا بد من السعي في الأرض، كما قال تعالى:{فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ، وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك ١٥/ ٦٧].
وفي السياسة والحرب يجب الانتباه والحذر والإعداد المكافئ لقوى العدو:
روى أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه:«لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا، وتروح بطانا»
وأخرج ابن حبان في صحيحة:«حديث الرجل الذي جاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وأراد أن يترك ناقته، وقال: أأعقلها وأتوكل، أو أطلقها وأتوكل؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: اعقلها وتوكل».
ثم أعلن الله تعالى عن مصدر النصر في الحقيقة فأخبر أنه إن أراد الله أن ينصركم في أحد، كما نصركم في بدر، حين التزمتم الطاعة، وثبتم، واتكلتم على