لا شك فيه، والمعاد كائن لا محالة، فلا تتلهوا بزخارف الدنيا ونعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة، ولا يغرنكم الشيطان بالله، فيجعلكم تعيشون في الأوهام والآمال المعسولة، قائلا لكم: إن الله يتجاوز عنكم، ويغفر لكم، لسعة رحمته، فتنزلقوا في المعاصي، وتسرفوا في المخالفات، فإنه غرّار كذّاب أفّاك.
وهذه الآية كآية آخر سورة لقمان:{فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ}.
ثم بيّن الله تعالى علّة عدم الاغترار بالشيطان وهي عداوة إبليس لابن آدم، فقال:
{إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ، فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} أي إن عداوة الشيطان لكم عداوة قديمة عامة ظاهرة، فعادوه أنتم أشدّ العداوة، وخالفوه وكذّبوه فيما يغركم به، بطاعة الله، ولا تطيعوه في معاصي الله تعالى.
ثم ذكر الله تعالى أغراض الشيطان ومقاصده الخبيثة فقال:
{إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ} أي إنما يقصد أن يضلكم حتى تدخلوا معه إلى عذاب النار الشديد الدائم.
جاء في حديث عبد الله بن مسعود الذي أخرجه الترمذي والنسائي وابن حبان عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن للشيطان لمّة (١) بابن آدم وللملك لمّة، فأما لمّة الشيطان فإيعاد بالشّرّ وتكذيب بالحقّ، وأما لمّة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحقّ».
ثم ذكر تعالى جزاء حزب الشيطان وحزب الرحمن فقال:
{الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} أي إن الذين كفروا بالله ورسوله وأنكروا البعث، واتبعوا وساوس الشيطان، لهم عذاب شديد في نار جهنم؛ لأنهم أطاعوا الشيطان، وعصوا الرحمن.