للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس لنا شيء، وطلبوا الأجل إلى وقت ثمارهم، فنزلت هذه الآية: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ}.

ودل قوله تعالى: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ} مع قوله: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ} على ثبوت حق المطالبة لصاحب الدين (الدائن) على المدين، وجواز أخذ ماله بغير رضاه، ودل أيضا على أن الغريم متى امتنع من أداء الدين مع الإمكان، كان ظالما، فإن الله تعالى يقول: {فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ} فجعل له المطالبة برأس ماله، فإذا كان له حق المطالبة، فعلى من عليه الدين (المدين) لا محالة وجوب قضائه.

ومن كثرت ديونه وطلب غرماؤه مالهم، فللحاكم أن يخلعه عن كل ماله ويترك له ما كان من ضرورته، والمشهور عن مالك أنه يترك له كسوته المعتادة، ما لم يكن فيها فضل، ولا ينزع منه رداؤه إن كان ذلك مزريا به. وفي ترك كسوة زوجته وفي بيع كتبه إن كان عالما خلاف. ولا يترك له مسكن ولا خادم، ولا ثوب جمعة ما لم تقلّ قيمتها، والأصل في هذا قوله تعالى: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ}.

ويحبس المفلس في قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم حتى يتبين عدمه. ولا يحبس عند مالك إن لم يتّهم أنه غيّب ماله، ولم يتبين لدده أي خصومته ومماطلته. وكذلك لا يحبس إن ثبت عسره، للآية المتقدمة: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ.} ..

وقوله: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ} يدل على أن الله تعالى ندب بهذه الألفاظ‍ إلى الصدقة على المعسر، وجعل ذلك خيرا من إنظاره. وقد أوردت سابقا الأحاديث الكثيرة الدالة على فضل إنظار المعسر وإبرائه من الدين، ومدى الثواب العظيم في ذلك عند الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>