الشيطان، وعلى ذلك فلا فرق بين فقير وفقير أيّا كان دينه، ولا داعي للمنّ والأذى، أو الرياء والسمعة؛ لأنك تقصد بنفقتك وجه الله وحده، وفعل الخير المحض، دون انتظار ثناء، أو جزاء الناس في الدّنيا،
قال صلّى الله عليه وسلّم لسعد بن أبي وقاص في الحديث الصحيح:«إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلاّ أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك» أي فمها.
ثم أكّد سبحانه الآية السابقة:{وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ} بمؤكّدين:
الأول-قوله:{وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ} أي يصلكم ثوابه كاملا غير منقوص في الآخرة.
الثاني-قوله:{وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} أي لا يضيع عليكم منه شيء، ولا تبخسون منه شيئا، فيكون ذلك البخس ظلما، كقوله تعالى:{فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ}[الأنبياء ٤٧/ ٢١].
وكلّ هذا يدل على أن الإنفاق يكون للفقراء عامة، مسلمين أو غير مسلمين، وذلك نحو قوله تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}.
والأسير في دار الإسلام لا يكون عادة إلا مشركا وقوله تعالى:{لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ، وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}[الممتحنة ٨/ ٦٠].
ويؤيد ذلك
ما روي في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «قال رجل: لأتصدقنّ الليلة بصدقة، فخرج بصدقته، فوضعها في يد زانية، فأصبح الناس يتحدّثون: تصدّق على زانية، فقال: اللهم لك الحمد: على زانية! لأتصدقنّ الليلة بصدقة، فوضعها في يد غني، فأصبحوا