الشيخان عن أنس بن مالك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به؟ قال:
فيقول: نعم، فيقول الله: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك».
هذه المحاورة على طريق التمثيل توكيد عليهم وتحذير من الرجوع عن الإقرار إذا عملوا بشهادة الله، وشهادة بعضهم على بعض.
فمن تولى بعد ذلك الميثاق والتوكيد، واتخذ الدين أداة للتفريق والعداء، ولم يؤمن بالنبي المبعوث في آخر الزمان، المصدّق لمن تقدمه، المهيمن على الرسالات والكتب السابقة، كما حصل من أهل الكتاب المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم، فأولئك هم المتمردون من الكفار، الخارجون عن عهد الله وميثاقه، الناقضون العهد.
وإذا كان الدين واحدا، وأن الرسل متفقون في الأصول العامة لوحدة الدين الحق، كما بيّن تعالى، فلماذا ينكر أهل الكتاب نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم؟! أيتولون غير دين الله، وغير الحق بعد ما تبين، ويريدون غير الإسلام دينا؟ وقد أسلم وخضع لله تعالى وانقاد لحكمه ومراده أهل السموات والأرض، إما طوعا واختيارا من أنفسهم بالإنصاف والنظر في الأدلة، أو كرها بالسيف أو بمعاينة ما يلجئ إلى الإسلام كنتق الجبل على بني إسرائيل، وإدراك الغرق فرعون والإشراف على الموت، فلما رأوا بأس الله وتصرفه بالكون والتكوين والإيجاد قالوا: آمنا بالله وحده، وإلى الله المرجع والمآب يوم المعاد، يرجع إليه سائر الخلق، فيجازي كلاّ بعمله، سواء من أسلم وخضع وانقاد لله، ومن اتخذ غير الإسلام دينا من اليهود والنصارى، وهذا تهديد ووعيد لهم.