وصدّقنا بما أوتي موسى من التوراة وعيسى من الإنجيل وسائر المعجزات.
وخص هذان النبيان بالذكر، تبيانا لأتباعهم وهم اليهود والنصارى بأن الإيمان عام في منهج القرآن.
وكذلك صدقنا بما أوتي بقية النبيين من رسالات كداود وسليمان وصالح وهود وأيوب وغيرهم ممن لم نعلم قصصهم.
وقدم الإيمان بالله على الإيمان بالكتب؛ لأنه المصدر والأساس، وقدم المنزل علينا وهو القرآن، مع أنه متأخر عن نزول الكتب الأخرى؛ لأنه طريق المعرفة بما سبق، ولأنه المهيمن على سائر الكتب السماوية، ولأنه الكتاب الإلهي إلى الأبد، وأما غيره فاندثر وضاع، ثم بدّل وغيّر.
والأمر بالإيمان بالله وبأنبيائه أمر شامل عام، لا يختلف فيه أهل ملة عن غيرهم، ولا تفرقة فيه بين الأنبياء تصديقا وكفرا، فلسنا في ذلك كاليهود والنصارى نؤمن ببعض ونكفر ببعض، بل نؤمن بالكل على أن كل نبي مرسل من قبل الله تعالى، ونحن له مستسلمون منقادون له بالطاعة.
وبعد الأمر بالإيمان جاء الأمر بالإسلام؛ لأن الإيمان بوجود الله وهو التصديق به هو الأصل، وعنه يصدر العمل الصالح، وأما الإسلام فهو توحيد الله وإخلاص العبادة له والانقياد لشرعه ومنهجه، وهو يأتي تبعا لأصل الاعتقاد.
ومن يطلب غير الإسلام (وهو التوحيد وإسلام الوجه لله تعالى) دينا، فلن يقبل منه قطعا، وهو من الذين وقعوا في الخسران مطلقا؛ لأنه سلك طريقا سوى ما شرعه الله، وأضاع ما جبلت عليه الفطرة السليمة من توحيد الله