٣ - فيه آيات واضحات، منها مقام إبراهيم (موضع قيامه للصلاة والعبادة) تعرفه العرب بالنقل المتواتر جيلا عن جيل، ويدلّ عليه أثر قدمه الشريف على الحجر.
٤ - ومن دخله كان آمنا على نفسه وماله من أي اعتداء وإيذاء، فلا يسفك فيه دم حرام، ولا يقتل الشخص فيه ولو كان مطلوبا للثأر أو القصاص، لقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}[العنكبوت ٦٧/ ٢٩]، وقوله:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً}[القصص ٥٧/ ٢٨]، وقوله:{وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنّاسِ وَأَمْناً}[البقرة ١٢٥/ ٢]، وكما دعا إبراهيم عليه السّلام:{رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً}[البقرة ١٢٦/ ٢]. وقال عمر بن الخطاب:«لو ظفرت فيه بقاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه».
وقال أبو حنيفة:«من وجب قتله في الحلّ بقصاص أو ردّة أو زنا، فالتجأ إلى الحرم، لم يتعرّض له، إلا أنه لا يؤوى ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج منه». واتّفقت قبائل العرب على تعظيمه واحترامه، بنسبته إلى الله، حتى إن القاتل اللاجئ إلى الحرم يصير فيه آمنا ما دام فيه.
قال الجصاص الرازي:«هذه الآي متقاربة المعاني في الدلالة على حظر قتل من لجأ إلى الحرم، وإن كان مستحقا للقتل قبل دخوله، ولما عبّر تارة بذكر البيت، وتارة بذكر الحرم، دلّ على أنّ الحرم في حكم البيت في باب الأمن ومنع قتل من لجأ إليه»(١).
وقد أقرّ الإسلام ميزة البيت الحرام. وأما ما كان من فتح مكّة عنوة بالسّيف