التّكرار، وقد روى أحمد والنسائي عن ابن عبّاس أن الأقرع بن حابس سأل النّبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، الحجّ في كلّ سنة، أو مرّة واحدة؟ فقال:«بل مرّة، فمن زاد فتطوع».
ولم يجز الإمام مالك خلافا للجمهور النّيابة في الحجّ، فلا يجزئ أن يحجّ عن الشّخص غيره؛ لأن حجّ الغير لو أسقط عنه الفرض، لسقط عنه الوعيد المذكور في الآية:{وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ}. أما المريض والمغضوب الذي لا يستطيع الثبات على الراحلة، فيسقط عنه فرض الحج أصلا، في رأي مالك، سواء كان قادرا على من يحجّ عنه بالمال أو بغير المال، واحتجّ بقوله تعالى:
{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاّ ما سَعى}[النجم ٣٩/ ٥٣]، والمغضوب لا يستطيع السّعي، ولأنه غير مستطيع، والحجّ فرض على المستطيع.
لكن أجاز المالكية الإجارة على الحجّ عن الميت الذي أوصى به، ويجوز أن يكون الأجير على الحجّ عندهم لم يحجّ حجّة الفريضة.
ويجوز في رأي الجمهور النّيابة في الحجّ عن الغير لمن مات ولم يحج، أو كان مريضا عاجزا عن الحجّ لعذر وله مال، لحديث ابن عبّاس وغيره الذي رواه الجماعة:«أن المرأة من خثعم، قالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله في الحجّ شيخا كبيرا، لا يستطيع أن يستوي على ظهره؟ قال: فحجّي عنه» وكان ذلك الإذن في حجّة الوداع. وجاء في رواية:«لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره»، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم:«فحجّي عنه، أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت قاضيته؟» قالت: نعم، قال:«فدين الله أحقّ أن يقضى»، فأوجب النّبي صلّى الله عليه وسلّم الحجّ بطاعة ابنتها إياه، وبذلها من نفسها له بأن تحجّ عنه، فيجوز له أن يستأجر عنه شخصا يحجّ عنه إذا كان قادرا على المال.
ولا تتحقق الاستطاعة بالهبة بأن يهب له شخص أجنبي عنه مالا يحجّ به،