ورائنا، ولا تبرحوا، غلبنا أو نصرنا. وفي (سيرة ابن هشام): ادفعوا الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا. وفي (زاد المعاد): أمرهم بأن يلزموا مركزهم، ولا يفارقوا، ولو رأوا الطير تتخطف العسكر.
وكان لواء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع مصعب بن عمير، وعلى أحد الجناحين الزبير بن العوام، وعلى الآخر المنذر بن عمرو، وعلى ميمنة المشركين خالد بن الوليد، وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبي جهل، ولواؤهم مع طلحة بن أبي طلحة من بني عبد الدار، وعلى رماتهم وكانوا مائة: عبد الله بن أبي ربيعة.
ورجع زعيم المنافقين مع ثلاثمائة من أصحابه قائلا: أيعصيني ويطيع الولدان: {لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ}[آل عمران ١٦٧/ ٣].
وكاد بنو سلمة وبنو حارثة من الأنصار ألا يخرجوا إلى أحد، ثم وفقهم الله، فخرجوا، وهو معنى قوله تعالى:{إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا، وَاللهُ وَلِيُّهُما}.
فلم يبق بعد رجوع المنافقين مع النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا سبعمائة رجل.
ولما التقى الجمعان، قامت هند بنت عتبة زوج أبي سفيان في نسوة يضربن بالدفوف، ويمشين وراء الصفوف.
وقاتل أبو دجانة الذي أخذ السيف من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ووعده بأن يأخذه بحقه، فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله. وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتالا شديدا، وقتل عددا من الأبطال، ولما قتل مصعب بن عمير أعطى النبي صلّى الله عليه وسلّم الراية لعلي بن أبي طالب، وقتل وحشي غلام جبير بن مطعم حمزة بحربة دفعها عليه، حتى خرجت من بين رجليه، فسقط شهيدا سيد الشهداء.
وانهزم المشركون، وسقط لواؤهم من يد طلحة، فحمله ابنه، ثم أخوه،