المعنى: أنه لا يلزم إن عدم مشاهدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان، وإن كنا لا نعلمه، وكذلك النار تكون حيث شاء الله عز وجل،
قال ابن كثير:
وهذا أظهر لحديث أبي هريرة عند البزار قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: أرأيت قوله تعالى: {جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ} فأين النار؟ قال:«أرأيت الليل إذا جاء، لبس كل شيء، فأين النهار؟» قال: حيث شاء الله، قال:«وكذلك النار تكون حيث شاء الله عز وجل».
هذه أربعة تأكيدات للتّنفير من الرّبا: اتّقوا الله، اتّقوا النّار، أطيعوا الله، أطيعوا الرّسول. ثمّ رغب تعالى بفعل الخير بعد التّرهيب، فأمر بالمبادرة إلى فعل الطاعات كالصدقة والصّلة والتّراحم والتّعاون والبعد عن الآثام كالرّبا ونحوه، وتلك الأعمال الخيرية هي التي تجعل المجتمع الإسلامي متراحما سعيدا مطمئنا لا أحقاد فيه ولا صراعات ولا حسد ولا بغض ولا كراهية بين الفقراء والأغنياء.
ثم ذكر الله تعالى أوصاف أهل الجنة، وهي:
١ - الذين ينفقون في السّراء والضراء، أي في الشدة والرّخاء، والمنشط والمكره، والصّحة والمرض، وفي جميع الأحوال، كما قال تعالى:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً}[البقرة ٢٧٤/ ٢]، والمعنى أنهم لا يشغلهم أمر عن طاعة الله تعالى والإنفاق في مراضيه، والإحسان إلى خلقه من قراباتهم وغيرهم بأنواع البرّ،
وجاء في الحديث عند أحمد والشيخين عن عدي: اتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة».
والأمر بالإنفاق له هدفان:
الأول-أنّ الصدقة عون المحتاج وأخذ بيده إلى طريق الكفاية، والرّبا استغلال الغني حاجة الفقير، لذا قال تعالى: {وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النّاسِ، فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ، وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمُ