وعلم الله واسع شامل لكل ما خلق، وهو خالق كل شيء، فوجب أن يكون عالما بكل شيء، ولا يكون هذا النظام المحكم في السموات والأرض إلا من لدن حكيم عليم بما خلق، فلا عجب أن يرسل رسولا مؤيدا بكتاب لهداية الناس، يضرب فيه الأمثال بما شاء من مخلوقاته، عظم أو صغر.
وآية {ثُمَّ اسْتَوى} وآية {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى}[طه ٥/ ٢٠] من مشكلات التفسير، وللعلماء ثلاثة آراء فيها (١):
الرأي الأول لكثير من الأئمة: نقرؤها ونؤمن بها ولا نفسرها، روي عن مالك رحمه الله أن رجلا سأله عن قوله تعالى:{الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وأراك رجل سوء.
الرأي الثاني للمشبهة: نقرؤها ونفسرها على ما يحتمله ظاهر اللغة وهو أن الاستواء: الارتفاع والعلو على الشيء، أو الانتصاب.
وهذا باطل، لأن ذلك من صفات الأجسام، والله تعالى منزه عن ذلك.
الرأي الثالث لبعض العلماء: نقرؤها ونتأولها ونحيل حملها على ظاهرها.
فقيل: المعنى استوى، كما قال الشاعر:
قد استوى بشر على العراق... من غير سيف ودم مهراق
(١) تفسير الطبري: ١٤٩/ ١ وما بعدها، تفسير القرطبي: ٢٥٤/ ١ وما بعدها.