فضلنا ورحمتنا في الدّنيا والآخرة بحسب شكرهم وعملهم، ونؤتيهم الثواب الأبدي على ترك الانهزام.
أما أنتم يا من قصدتم الدنيا وهرعتم لجمع الغنائم وخالفتم أمر نبيكم وقائدكم في أحد، بإمكانكم الحصول على الدنيا، ولكنكم ضيعتم ما يدعوكم إليه نبيكم وهو الدنيا والآخرة. ففي الآية تعريض بهؤلاء الذين شغلتهم الغنائم يوم أحد، وفيها إشارة بقوله {يُرِدْ} إلى أن الإرادة الشخصية هي التي تحدد طبيعة العمل من خير أو شر، وهذا مطابق
لقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه الشيخان عن عمر:«إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
ثم قال الله تعالى مسليا المؤمنين عما كان وقع في نفوسهم يوم أحد:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ..}. أي أن كثيرا من الأنبياء قاتلوا في سبيل الله، وقاتل معهم كثير من أصحابهم الذين آمنوا بهم لإعلاء كلمة الله، وكانوا هداة معلمين فما ضعفوا بعد ما قتلوا وقتل نبيهم، ولا وهنت عزائمهم عن الجهاد بعدئذ، ولا استسلموا للأعداء، ولا خضعوا للدنيا ومتاعها، ولا ولّوا الأدبار، بل ثبتوا وصبروا بعد قتل نبيهم، كما ثبتوا في حال الحياة، والله يحب الصابرين الذين صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله، فهو يديهم ويرشدهم ويثيبهم أجزل الثواب، وهذه نبذة من مفاخر أفعالهم، وتعريض بما أصاب المسلمين من الوهن والانكسار عند الإرجاف بقتل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبضعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين واستكانتهم لهم حين أرادوا الأمان من أبي سفيان.
أما محاسن أقوالهم أي الربيين فهي أنهم قالوا عند نزول الكارثة: ربنا اغفر لنا ذنوبنا، واستر عيوبنا وتجاوزنا أمرك، وثبّت أقدامنا في مواطن الحرب ولقاء العدو، وانصرنا على القوم الكافرين.
وطلبهم المغفرة من الذنوب وغيرها مع كونهم ربانيين إشعار لأنفسهم