للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى قوله: {كِتاباً مُؤَجَّلاً}. وأما معنى قوله {بِإِذْنِ اللهِ} أي بقضاء الله وقدّره. وأجل الموت: هو الوقت الذي في معلومه سبحانه أن روح الحي تفارق جسده، ومتى قتل العبد علمنا أن ذلك أجله، ولا يصح أن يقال: لو لم يقتل لعاش، لقوله تعالى: {كِتاباً مُؤَجَّلاً} {إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس ٤٩/ ١٠] {فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ} [العنكبوت ٥/ ٢٩] {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ} [الرعد ٣٨/ ١٣].

ودلت الآية {وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ.}. على الحض على الجهاد، وعلى أن الموت لا بد منه، وأن كل إنسان يموت بأجله، والقتيل يموت بأجله.

٦ - من قصر رغبته وعمله على الدنيا دون الآخرة، آتاه الله منها ما قسم له، ومن جعل رغبته في الآخرة من تضعيف الحسنات لمن يشاء، آتاه الله الآخرة والدنيا معا.

٧ - دلت آية {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ.}. على غاية التجرد والموضوعية والعدالة وإنصاف الحقائق، فليس العمل الصالح والجهاد في سبيل الله والثبات والصبر في الحرب مقصورا على أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم، فكثير من أتباع الأنبياء السابقين كانت لهم مواقف رائعة، وبطولات خارقة، فجاهدوا وقاتلوا، وصبروا وقتلوا، وما لانت لهم قناة، ولا خارت لهم عزيمة، ولا ذلوا ولا خضعوا لما أصابهم في الجهاد، وكان فعلهم هذا مقرونا بقولهم الدال على قوة إيمانهم، وطهارة نفوسهم، وإخلاصهم في طلب رضوان الله، فتضرعوا إلى ربهم وقت الشدة والمحنة وعند لقاء العدو، فاستحقوا إنعام الله عليهم في الدنيا بالنصر والظفر على عدوهم، وفي الآخرة بالجنة، ووصفوا بالإحسان، وأوتوا ثوابا عظيما دائما لا يحده حصر.

وفي موقفهم المهيب بالابتهال والتضرع والدعاء والاستغفار دليل على أن إجابة الدعاء تتطلب الإخلاص وطهارة النفس وخشوعها لله، وأن الذنوب

<<  <  ج: ص:  >  >>