للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام بمفارقة المكان الذي طلب منكم الوقوف فيه لحماية ظهور المقاتلين. ومن المعلوم أن العقوبات نتائج لازمة للأعمال، وأن الله وعدكم النصر بشرط‍ ترك المعصية واتباع أوامر الله والرسول صلّى الله عليه وسلّم: {إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ} [محمد ٧/ ٤٧].

إن الله على كل شيء قدير، أي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه، فهو القادر على نصركم لو ثبتم وصبرتم، وهو القادر على حجب النصر عنكم إن خالفتم وعصيتم، وذلك كله خاضع لقانون ربط‍ الأسباب بالمسببات، وليس هناك شيء خارج عن القدرة الإلهية.

ثم أشار الله تعالى معزيا ومسليا إلى أن كل ما أصابكم أيها المؤمنون يوم التقاء الجمعين: جمع المسلمين وجمع المشركين في أحد، فبإذن الله وإرادته وقضائه وقدره، وله الحكمة في ذلك، فما من شيء في الوجود إلا وهو خاضع لإرادته وحكمته.

ومن مظاهر الحكمة: أن يظهر الله علمه بحال المؤمنين من قوة الإيمان وضعفه، والصبر والثبات وعدمه، فيعلم الذين صبروا وثبتوا ولم يتزلزلوا، ويعلم المنافقين أصحاب عبد الله بن أبي بن سلول الذين رجعوا معه في الطريق، وكانوا ثلاثمائة رجل.

هؤلاء المنافقون إذا دعوا إلى القتال في سبيل الله، أو إلى الدفاع عن النفس والأهل والوطن، أجابوا: لو نعلم أنكم تلقون قتالا في غزوتكم لاتبعناكم وسرنا معكم، ولكننا نعلم أنكم لا تقاتلون. وهذا يدل على تأصل النفاق في قلوبهم، وأن غايتهم التلبيس والتدليس والاستهزاء وتعمية الحقائق، مع أن جمع المشركين في أحد وخروج المسلمين لمقابلتهم قرينة قاطعة على إرادة القتال. روي أن الآية نزلت في عبد الله بن أبيّ بن سلول وأصحابه الذين خرجوا من المدينة في جملة

<<  <  ج: ص:  >  >>