للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنهم لن يضروا أولياء الله وهم النبي وصحته شيئا من الضرر، وإنما يضرون أنفسهم، ويحاربون الله تعالى ويستعدونه عليهم والدائرة تكون عليهم، ويحرمون من ثواب الله تعالى في الآخرة، ولهم عذاب عظيم لا يعرف قدره، والله يعاقبهم على فعلهم لا يظلمهم، وإنما هم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم وضلالهم ومناصرتهم ملة الكفر ومقاومة المؤمنين: {وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ}.

[فاطر ٤٣/ ٣٥] وهذا يدل على أنه لا يؤبه بهم ولا يخشى خطرهم.

وهي مثل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ، لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ، مِنَ الَّذِينَ قالُوا: آمَنّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة ٤١/ ٥].

وهذا لا يقتصر عليهم، وإنما هو حكم عام مقرر يشمل كل من آثر الكفر على الإيمان، لذا قال: إن الذين استبدلوا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا، ولكن يضرون أنفسهم، ولهم عذاب مؤلم شديد الألم في الدنيا والآخرة.

وهي تشبه آية {أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ، نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ، بَلْ لا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون ٥٥/ ٢٣] وآية: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} [القلم ٤٤/ ٦٨] وآية: {وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ، إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا، وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ} [التوبة ٨٥/ ٩].

ثم بيّن تعالى استدراج الكافرين وإمهالهم لوقت معين، فأخبر أنه لا يحسبن هؤلاء الكفار أن إمهالنا لهم وإطالة أعمارهم خير لأنفسهم؛ لأنهم لا يستغلون العمر في عمل الخير، وإنما يستغلونه في الشر، فتكون عاقبتهم ازدياد الإثم على الإثم، والمبالغة في الباطل والبهتان، ولهم عذاب مهين: ذو إهانة وإذلال لهم، أي إنما هو معدّ لهم.

ولا يظنن الكفار أن إمهالنا يقصد به ازدياد الإثم كما يفعلون، وإنما الإمهال

<<  <  ج: ص:  >  >>