التوسعة على المخاطبين، فلو كان وراء هذا العدد مباح، لاقتضى المقام ذكره.
ولا يدلّ هذا العدد: مثنى وثلاث ورباع على إباحة تسع، وعضد ذلك بأن النّبي صلّى الله عليه وسلّم نكح تسعا، وجمع بينهن في عصمته.
ويرده إجماع الصحابة والتابعين على الاقتصار على أربع، ولم يخالف في ذلك أحد،
وأخرج مالك في موطئه والنسائي والدّارقطني في سننهما أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال لغيلان بن أميّة الثقفي، وقد أسلم وتحته عشر نسوة:«اختر منهن أربعا وفارق سائرهن».
٧ - وتمسّك الإمام مالك وداود الظاهري والطبري بظاهر هذه الآية في مشروعية نكاح الأربع للأحرار والعبيد، على حدّ سواء، فالعبيد داخلون في الخطاب بقوله تعالى:{فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ.}. فيجوز لهم أن ينكحوا أربعا كالأحرار، ولا يتوقّف نكاحهم على الإذن؛ لأنهم يملكون الطلاق فيملكون النكاح.
وذهب الحنفية والشافعية إلى أن العبد لا يجمع من النساء فوق اثنتين، لما روى الليث عن الحكم قال: اجتمع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أن العبد لا يجمع من النساء فوق اثنتين. قالوا: والخطاب في قوله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ.}. لا يتناول العبيد؛ لأنه إنما يتناول إنسانا متى طابت له امرأة قدر على نكاحها، والعبد لا يملك ذلك؛ لأنه لا يجوز نكاحه إلا بإذن مولاه،
لقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه ابن ماجه عن ابن عمر:«أيّما عبد تزوّج بغير إذن مولاه فهو عاهر».
ولأن قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} لا يمكن أن يدخل فيه العبيد، لعدم الملك، وكذلك قوله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ.}. لا يشمل العبيد؛ لأن العبد لا يتملك، بل يكون الشيء الموهوب له لسيّده، فيكون الآكل السيّد لا العبد.