{وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ}{وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ}. ثم إنه كيف يجعل للزنا حرمة وهو فاحشة ومقت؟ ثم إن النسب لا يثبت بالزنا، فكذلك التحريم لا يثبت بالزنا.
وهذا هو الراجح.
ودلت آية:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ..}. على تحريم سبع من النسب وهي: الأم ومثلها الجدات وان علون، والبنت ومثلها بنت الأولاد وإن سفلن، والأخت، والعمة، والخالة، وبنت الأخ، وبنت الأخت.
وتحريم الأم من الآية؛ لأن الأم حقيقة في الأم مباشرة، مجاز في الجدة، ويكون تحريم الجدات من الإجماع، وقال بعضهم: من الآية؛ لأن الأم تطلق على الأم المباشرة والجدة من باب المشترك المعنوي.
وأما البنت من الزنى فهل هي داخلة في قوله:{وَبَناتُكُمْ}؟ قال أبو حنيفة: إنها داخلة في الآية ولها حرمة البنت الشرعية؛ لأنها متخلقة من مائه وبضعة منه، فحرمها عليه، فهو قد نظر إلى الحقيقة. وقال الشافعي:
ليست داخلة في الآية، فلا تكون حراما، وليس لها حرمة البنت الشرعية؛ لأن الشارع لم يعطها حكم البنتيه، فلم يورثها منها، ولم يبح الخلوة بها، ولم يجعل له عليها ولاية، وليس له أن يستلحقها به
لقوله صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه الجماعة عن أبي هريرة:«الولد للفراش وللعاهر الحجر».
ورجح بعض علماء العصر رأي أبي حنيفة قياسا على ولد الزنا، فإنه تحرم عليه أمه؛ لأنه متخلق منها. ورأى آخرون ترجيح رأي المالكية والشافعية، حتى لا يجعل الزنى في مرتبة القرابة والمصاهرة والرضاع، والقاعدة الشرعية تقرر أن النقمة لا تكون طريقا إلى النعمة.
ودلت الآية على تحريم ست بغير النسب وهم:
الأم من الرضاع، والأخت من الرضاع، ومثلهما جميع أصول وفروع