مع أي رجل أرادها، والتي تتخذ الخدن: هي التي تتخذ صاحبا معينا.
والسبب في اشتراط كون الأمة محصنة مصونة في السرّ والجهر إذا أراد الحرّ التزوّج بها: هو أن الزّنى كان غالبا في الجاهلية على الإماء، وكانوا يشترونهن للاكتساب ببغائهن، حتى إن عبد الله بن أبيّ كان يكره إماءه على البغاء بعد أن أسلمن، فنزل في ذلك:{وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً، لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا}[النور ٣٣/ ٢٤].
ثم أبان الله تعالى عقوبة الحدّ على الزّانية الأمة، فجعل عقوبتها نصف عقوبة الحرّة، وذلك بقوله:{فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ..}. أي أن الإماء إذا زنين بعد إحصانهن بالزّواج، فحدّهنّ نصف حدّ الحرائر، وإذا كان حدّ الحرّة مائة جلدة بقوله تعالى:{الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ} فحدّ الأمة هو خمسون جلدة. هذا ما دلّ عليه القرآن، فلا رجم للإماء؛ لأن الرّجم لا يتنصف، ودلّت السّنّة على حدّ الأمة غير المزوجة،
روى الشيخان عن زيد بن خالد الجهني أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ فقال:
«اجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير».
والسبب في تصدير الآية بقوله:{فَإِذا أُحْصِنَّ} هو دفع توهم أن التزوّج يزيد في حدهنّ، فهو قيد لم يجر مجرى الشرط، فلا مفهوم له.
ثم ذكر الله تعالى بقوله:{ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} شرطا آخر لإباحة نكاح الإماء وهو الخوف من الزنى، وهذا ما أخذ به الشافعي رضي الله عنه، أما أبو حنيفة فلم يجعل ذلك شرطا، وإنما هو إرشاد للأصلح.
ثم أوصى الله تعالى في نكاح الإماء بوصية أدبيّة خلقية عامة فقال:{وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} أي أن صبركم عن نكاح الإماء خير لكم من نكاحهنّ، وإن أبيح