النساء (١٧٦، ١٢، ١١) وهم الأقارب من ذوي الفروض والعصبات وهم الأصول والفروع والحواشي والأزواج، أما غيرهم فقد زال حكم توريثهم، ولا مانع من الإيصاء لهم بشيء من المال، سواء أكانوا حلفاء في الجاهلية، أم إخوة متآخين بعد الهجرة، أم أبناء بالتبني (أدعياء).
واحتج الحنفية بآية {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ} على توريث مولى الموالاة، فهي تدل على النصيب الثابت له المسمى في عقد المحالفة. وقوله تعالى:{وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ} لم ينسخ هذا الحكم، وإنما أولو الأرحام أولى من الحليف، فإذا لم يكن رحم ولا عصبة، فالميراث للحليف الذي حالفه الشخص وجعله وارثا له. واحتجوا أيضا
بما روي عن تميم الداري أنه قال:«يا رسول الله، ما السنة في الرجل يسلم على يدي الرجل من المسلمين؟ قال: هو أولى الناس بمحياه ومماته» أي أولاهم بميراثه.
وقال الجمهور: ميراث مولى الموالاة للمسلمين. وهو: من أسلم على يد رجل ووالاه وعاقده، ثم مات ولا وارث له غيره، لأن دلالة الآية على أن الحليف يرث متوقف على ثلاثة أمور: أن يكون المراد بالذين عقدت أيمانكم الحلفاء، وأن يكون المراد بالنصيب النصيب في الميراث، وأن تكون الآية محكمة غير منسوخة، والمفسرون مختلفون في كل ذلك كما تقدم. وحديث تميم الداري ليس نصا في الميراث فإنه يحتمل أنه أولى بمعونته وحفظه في محياه ومماته، ومع ذلك فهو معارض
بما أخرجه مسلم والنسائي عن جبير بن مطعم عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:
«لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة»(١).
فإذا كان الحديثان متعارضين والآية محتملة لعدة أوجه فالأولى الرجوع إلى ما قاله السلف كابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم من أن الآية منسوخة بآية الأنفال.