ومعنى الآية: يا أيها المؤمنون لا تصلّوا حال السكر حتى تعلموا ما تقولون في الصلاة. وقد كان هذا تمهيدا لتحريم السكر تحريما باتا، وكان نزول الآية في المرحلة الثالثة من مراحل التدرج في تشريع تحريم الخمر.
واتفق أكثر المفسرين على أن الصلاة باقية على معناها الحقيقي، والمعنى إذا أردتم الصلاة فلا تسكروا، ولا تصلوا وأنتم سكارى ولا وأنتم جنب إلا في حال كونكم مسافرين حتى تغتسلوا. ويكون ذكر هذا الحكم قبل قوله:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى} تشويقا إلى بيان الحكم عند فقد الماء. ويدل لهذا الرأي قوله تعالى:
{حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ} أي لا تقربوا نفس الصلاة؛ لأن فيها قراءة من آي القرآن ودعاء وأذكارا، وكلها تتطلب الوعي والإدراك واستكمال القوى العقلية.
وذهب الشافعي وابن عباس وابن مسعود والحسن البصري إلى أن الكلام على حذف مضاف وهو مجاز شائع، والمراد: لا تقربوا مواضع الصلاة وهي المساجد، بدليل تفسير {وَصَلَواتٌ}[الحج ٤٠/ ٢٢] بأنها كما قال ابن عباس كنائس اليهود، وإلا لم يصح الاستثناء في قوله:{إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ} وحتى لا يكون هناك تكرار بين قوله: {إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ} وقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ} فمن أجل ذلك حملنا لفظ الصلاة على المسجد.
وقد ترتب على هذا اختلافهم في حكم اجتياز الجنب المسجد، فعلى الرأي الثاني:
يجوز له العبور دون أن يمكث، ويحرم عليه دخول المسجد في غير حال العبور.
وعلى الرأي الأول: لا تدل الآية على حرمة دخول الجنب المسجد، وإنما يستدل عليها بمثل
ما روت عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن