الآخرة؛ لأن الجنة حفّت بالمكاره، وحفت النار بالشهوات، كما ثبت في الحديث.
وحينما نزلت هذه الآية أبدى نفر من المسلمين استعداده لتنفيذ الأمر الإلهي. قال أبو إسحاق السبيعي: لما نزلت {وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ} الآية، قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا. فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال:«إن من أمتي رجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي» قال ابن وهب: قال مالك: القائل ذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه. وذكر النقاش أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وذكر أبو الليث السمرقندي: أن القائل منهم عمّار بن ياسر وابن مسعود وثابت بن قيس، قالوا: لو أن الله أمرنا أن نقتل أنفسنا أو نخرج من ديارنا لفعلنا؛ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«الإيمان أثبت في قلوب الرجال من الجبال الرواسي».
وقال عامر بن عبد الله بن الزبير: لما نزلت: {وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ.}.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«لو نزلت لكان ابن أم عبد منهم» أي ابن مسعود.
وقال شريح بن عبيد: لما تلا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هذه الآية: {وَلَوْ أَنّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ.}. أشار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده هذه إلى عبد الله بن رواحة، فقال:«لو أن الله كتب ذلك لكان هذا من أولئك القليل» يعني ابن رواحة.
وفي قوله:{أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ} إيماء إلى حب الوطن وتعلق الناس به، وجعله قرين قتل النفس، وصعوبة الهجرة من الأوطان.